إختيار المحررالعرض في الرئيسةقضية اسمها اليمن

حين تستبدل السبورة بالمصفحة والطبشور بالرصاصة .. متى ستتحرر مدارس تعز يا مقاومة..؟

يمنات

مفيد الغيلاني

تتّسع رقعة الأمّية في المحافظات التي تتّسع فيها رقعة الحرب. وعلى رأس الهرم تأتي محافظة تعز. الحرب هنا تكاد تقضي على كلّ شي جميل، وفي أحدث فصولها تجبر طلاب تعز على أن يصرخوا، وبصوت واحد: “نريد أن ندرس”.

حمود سيف نصر، وكيل “مجمع عمر المختار التعليمي”، يؤكّد، لـ”العربي” أن “ما يقارب 250 ألف طالب توقّفوا عن التعليم خلال العام المنصرم، بسبب الحرب، البعض منهم حوّلت مدارسهم إلى ثكنات عسكرية، والبعض الآخر إلى سجون”. يتابع “ناهيك عن الطلاب الذين سيعانون من الآثار السلبية، لمدّة قد تطول، وأحد أسباب ذلك أنه لم يتمّ استكمال المنهج الدراسي المقرّر لكلّ مرحلة، وسينعكس ذلك على تحصيل الطالب العلمي”.

معضلة لا تقلّ جسامة، يتحدّث عنها نصر “يحرص المعلّم على غرس قيم المحبّة، والإخاء، والتسامح، ونبذ أي شكل من أشكال التعصّب والعنف لدى الطالب، لكن ما رآه الطالب في الواقع خلال هذه الحرب يختلف تماماً عما تعمله، ويولّد حالة من الانفصام والخوف معاً”.

منذ إبريل الماضي، لم يعد بإمكان أكثر من 250 ألف طالب التوجّه إلى مدارسهم، بينما لم يجد نحو مليوني طالب مدارس يذهبون إليها، حسب ما قالت الحكومة في تصريح سابق لها.

وبسبب الحرب الدائرة في تعز، وسيطرة طرفي الصراع على معظم المدارس، من جهة، وشنّ طائرات “التحالف” غاراتها على المدارس، من جهة أخرى، تأثّرت العملية التعليمية بشكل كبير، وتوقّفت الدراسة بشكل شبه كلّي.

تجهيل

عبد الله محمد علي فرحان، رئيس قسم المدارس الأهلية بمكتب التربية، يتناول الأزمة، في حديث إلى “العربي”، من زاويته الخاصّة، ويرى أن “الفارق بيننا وبين البيئة المنتجة لمليشيات الحوثيين، هو التعليم لا أقلّ ولا أكثر، فنحن في تعز نحلم بالدولة المدنية، كمطلب نسعى لتحقيقه، وفقاً لمخرجاتنا التعليمية، بينما الآخر يسعى لإعادة إنتاج دولة العكفة، وفقاً لمخرجاته غير التعليمية، وفي حال استمرار العسكرة والمعتقلات في مدارسنا، وحرمان أكثر من ربع مليون طالب، وفقاً لإحصائيات العام الماضي، فإننا سنجعل من تعز صورة طبق الأصل للبيئة المخرّجة للمليشيات، والعمل المليشاوي”.

وناشد فرحان الفصائل والجهات المعنية كافّة، وخاصّة “المقاومة الشعبية، التي حوّلت ما يزيد عن عشرين مدرسة داخل المدينة إلى ثكنات عسكرية، سرعة إخلاء مدارس المدينة ومحيطها من كافّة مظاهر العسكرة، وتمكين إدارة التربية من استلامها لممارسة مهامّ التعليم فيها، وإعادة ترتيبها قبل بدء الدراسة”. ويضيف “أطفال تعز يريدوا مدارس يتعلّموا فيها، شوفوا لكم حلّ، وأعيدوا لهم مدارسهم، لا لتجهيل أبناء تعز”.

صفقة

ويذهب مراقبون إلى أن هناك صفقة تجارية، بين ملاك المدارس الأهلية، التي تنتمي إلى فصائل، وبين “المقاومة” وقيادات في “المقاومة”، الغرض منها تحويل المدارس الحكومية إلى ثكنات عسكرية وسجون خاصّة، وتفعيل دور المدارس الأهلية.

الناشط الحقوقي، فهد العميري، يقول، لـ”العربي”، إنه “في وقت اقتراب العام الدراسي من بدايته، ما زالت كثير من مدارس مدينة تعز ثكنات عسكرية، أو سجوناً تابعة للمقاومة، وهناك بعض القوى التي تحاول استغلال إغلاق المدارس الحكومية، لتنشيط وتنمية استثماراتها في المدارس الأهلية والخاصّة”.

ويؤكّد العميري أن “استمرار السيطرة على المدارس الحكومية، من قبل المقاومة، جريمة لا يمكن السكوت عليها، لأن ذلك يؤدّي إلى حرمان آلاف الطلاب من الحصول على التعليم، خاصّة في ظلّ ارتفاع تكلفة الدراسة في القطاع الخاصّ، ناهيك عن أن الدراسة تتمّ في شقق ودهاليز غير مناسبة صحّياً وبيئياً”.

ويضيف “الكارثة أن بعض القوى، وفي ظلّ السيطرة على المدارس الحكومية، سارعت إلى تحويل بعض المرافق الصحّية، كمركز الدرن، إلى مدرسة أهلية”.

قلق على المستقبل

حالة من القلق تنتاب طلاب المدارس في تعز على مستقبلهم الدراسي، في ظلّ استمرار عسكرة المدارس، ويتساؤل البعض: لماذا المدارس التي تحت سيطرة “أنصار الله” لم تتّخذ ثكنات عسكرية..؟

الطالب ماجد الشرعبي، يقول: “اليوم، وبعد أن تمّ تحرير أغلب المناطق في المدينة، ما زلنا في نفس المعاناة، أغلب المدارس أصبحت معسكرات تدريب، ومقرّات، وسجوناً، استبدلت السبورات بالمصفّحات والمدافع، والطباشير بالرصاص والقنابل، شيء يدمي القلب، عندما استبدلت ساحات المدارس والفصول الدراسية بالمسلّحين، تراهم يخرجون ويدخلون من بوّابات المدارس، يتجوّلون بين أروقة أكثر من عشرين مدرسة ومجمعاً دراسياً”.

وتساءل ماجد: “لماذا المدارس التي تحت سيطرة الحوثين لم تتّخذ ثكنات، ويدرس فيها الطلاب بشكل طبيعي جدّاً، أمّا المقاومة فقد عسكرة كلّ المدارس الواقعة تحت سيطرتها..؟ فإلى متي سيستمرّ هذا الوضع الأليم..؟ ومتى ستتحرّر مدارس تعز يا مقاومة..؟”.

المصدر: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى